سورة التغابن - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التغابن)


        


{ما أصابَ مِنْ مُّصيبةٍ} من نفس أو مالٍ أو قول أو فعل يقتضي همّاً أو يوجب عقاباً عاجلاً أو آجلاً.
{إلا بإذْنِ اللَّهِ} فيه وجهان:
أحدهما: إلا بأمر اللَّه.
الثاني: إلا بحكم اللَّه تسليماً لأمره وانقياداً لحكمه.
{ومَن يُؤْمِن باللَّه يَهْدِ قلبَهُ} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: معناه يهدي قلبه اللَّه تعالى.
الثاني: أنه يعلم أنه من عند اللَّه ويرضى ويسلّم، قاله بشر.
الثالث: أن يسترجع فيقول: إنّا للَّه وإنا إليه راجعون.
الرابع: هو إذا ابتلي صبر، وإذا أنعم عليه شكر وإذا ظُلم غفر، قاله الكلبي.


{يا أيها الذين آمنوا إنّ مِنْ أزْواجِكم وأَوْلادِكم عَدوّاً لكم}
فيه خمسة أقاويل:
أحدها: أنه أراد قوماً أسلموا بمكة فأرادوا الهجرة فمنعهم أزواجهم وأولادهم منها وثبطوهم عنها، فنزل ذلك فيهم؛ قاله ابن عباس.
الثاني: من أزواجكم وأولادكم من لا يأمر بطاعة اللَّه ولا ينهى عن معصيته، قاله قتادة. الثالث: أن منهم من يأمر بقطيعة الرحم ومعصية الرب، ولا يستطيع مع حبه ألاّ يطيعه، وهذا من العداوة؛ قاله مجاهد.
وقال مقاتل بن سليمان: نبئت أن عيسى عليه السلام قال: من اتخذ أهلاً ومالاً وولداً كان للدنيا عبداً.
الرابع: أن منهم من هو مخالف للدين، فصار بمخالفة الدين عدواً، قاله ابن زيد.
الخامس: أن من حملك منهم على طلب الدنيا والاستكثار منها كان عدواً لك، قاله سهل.
وفي قوله {فاحذروهم} وجهان:
أحدهما: فاحذروهم على دينكم؛ قاله ابن زيد.
الثاني: على أنفسكم، وهو محتمل.
{وإن تعْفُوا وتَصْفَحُوا وتَغْفِرُوا} الآية. يريد بالعفو عن الظالم، وبالصفح عن الجاهل، وبالغفران للمسيء.
{فإنّ اللَّه غفورٌ} للذنب {رحيم} بالعباد، وذلك أن من أسلم بمكة ومنعه أهله من الهجرة فهاجر ولم يمتنع قال:
لئن رجعت لأفعلنّ بأهلي ولأفعلنّ، ومنهم من قال: لا ينالون مني خيراً أبداً، فلما كان عام الفتح أُمِروا بالعفو والصفح عن أهاليهم، ونزلت هذه الآية فيهم. {إنما أموالكم وأولادكم فتنة} فيه وجهان:
أحدهما: بلاء، قاله قتادة.
الثاني: محنة، ومنه قول الشاعر:
لقد فتن الناس في دينهم *** وخلّىّ ابنُ عفان شرّاً طويلاً
وفي سبب افتتانه بهما وجهان:
أحدهما: لأنه يلهو بهما عن آخرته ويتوفر لأجلهما على دنياه.
الثاني: لأنه يشح لأجل أولاده فيمنع حق اللَّه من ماله، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الولد مبخلة محزنة مجبنة».
{والله عنده أجْرٌ عظيمٌ} قال أبو هريرة والحسن وقتادة وابن جبير: هي الجنة.
ويحتمل أن يكون المراد بذلك أن يكون أجرهم في الآخرة أعظم من منفعتهم بأموالهم وأولادهم في الدنيا، فلذلك كان أجره عظيماً.
{فاتّقوا الله ما اسْتطعتم} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: يعني جهدكم، قاله أبو العالية.
الثاني: أن يطاع فلا يعصى، قاله مجاهد.
الثالث: أنه مستعمل فيما يرجونه به من نافلة أو صدقة، فإنه لما نزل قوله تعالى: {اتّقوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} اشتد على القوم فقاموا حتى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم، فأنزل الله تعالى ذلك تخفيفاً {فاتقوا الله ما استطعتم} فنسخت الأولى، قاله ابن جبير.
ويحتمل إن لم يثبت هذا النقل أن المكْرَه على المعصية غير مؤاخذ بها لأنه لا يستطيع اتقاءها.
{واسْمَعوا} قال مقاتل: كتاب الله إذا نزل عليكم.
{وأطيعوا} الرسول فيما أمركم أو نهاكم، قال قتادة: عليها بويع النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة.
{وأنفِقوا خيْراً لأنفُسِكم} فيه ثلاثة أوجه:
أحدهما: هي نفقة المؤمن لنفسه، قاله الحسن.
الثاني: في الجهاد، قاله الضحاك.
الثالث: الصدقة، قاله ابن عباس.
{ومَن يُوقَ شُحَّ نفسِهِ فأولئك هم المفلِحونَ} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: هوى نفسه، قاله ابن أبي طلحة.
الثاني: الظلم، قاله ابن عيينة.
الثالث: هو منع الزكاة، قال ابن عباس: من أعطى زكاة ماله فقد وقاه الله شح نفسه.
{إن تُقْرِضوا اللَّهَ قرْضاً حَسَناً} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: النفقة في سبيل اللَّه، قاله عمر رضي اللَّه عنه.
الثاني: النفقة على الأهل، قاله زيد بن أسلم.
الثالث: أنه قول سبحان اللَّه والحمد للَّه ولا إله إلا اللَّه واللَّه أكبر، رواه ابن حبان.
وفي قوله {حَسَناً} وجهان محتملان:
أحدهما: أن تطيب بها النفس.
الثاني: أن لا يكون بها ممتناً.
{يُضاعفْه لكم} فيه وجهان:
أحدهما: بالحسنة عشر أمثالها، كما قال تعالى في التنزيل.
الثاني: إلى ما لا يحد من تفضله، قاله السدي.
{ويَغْفِرْ لكم} يعني ذنوبكم.
{واللَّهُ شكورٌ حليمٌ} فيه وجهان:
أحدهما: أن يشكر لنا القليل من أعمالنا وحليم لنا في عدم تعجيل المؤاخذة بذنوبنا.
الثاني: شكور على الصدقة حين يضاعفها، حليم في أن لا يعجل بالعقوبة من تحريف الزكاة عن موضعها، قاله مقاتل.
{عالِمُ الغَيْبِ والشهَادةِ} يحتمل وجهين:
أحدهما: السر والعلانية.
الثاني: الدنيا والآخرة.

1 | 2